حسن بديدة من الممثلين القلائل المتمكنين من أدوات التعبير بحركات جسمهم وتقاسيم وجههم وصمتهم وكلامهم … أرى فيه شخصيا امتدادا نوعيا للممثل القدير الراحل محمد الحبشي ، فهو يشبهه في كثير من الأشياء شكلا ومحتوى .
عشق خشبة المسرح ومنها انطلق نحو السينما والتلفزيون، حيث كثر الإقبال على خدماته في العديد من الأفلام السينمائية المغربية، خصوصا بعد دوره المتميز والتلقائي في فيلم “هم الكلاب” (2013) للمخرج هشام العسري، وهو الدور الذي نال عنه جائزة أحسن تشخيص داخل المغرب وخارجه.
من أفلامه الطويلة الأخرى، التي شخص فيها أدوارا متفاوتة القيمة، نذكر “عصابات” (2023) لكمال لزرق و”ملكات” (2022) لياسمين بنكيران و”واحة المياه المتجمدة” (2022) لرؤوف الصباحي و”السلعة” (2020) لمحمد نصرات و”خريف التفاح” (2020) لمحمد مفتكر و”كمبوديا” (2019) لمحمد طه ابن سليمان و”من أجل القضية” (2019) لحسن بنجلون و”سيد المجهول” (2019) لعلاء الدين الجم و”هلا مدريد، فيسكا بارصا” (2019) و”ولولة الروح” (2018) لعبد الإله الجوهري و”كيليكيس.. دوار البوم” (2018) لعز العرب العلوي لمحارزي و”الجاهلية” (2018) لهشام العسري و”ضربة في الرأس” (2017) لهشام العسري و”ميموزا” (2016) لأوليفر لاكس و”حياة” (2016) لرؤوف الصباحي و”أدور” (2016) لأحمد بايدو و”البحر من ورائكم” (2015) لهشام العسري و”ميلوديا المورفين” (2015) لهشام أمل و”أندرومان … من دم وفحم” (2012) و”رقصة الوحش” (2011) للحسن مجيد و”النهاية” (2010) لهشام العسري، بالإضافة إلى دور البطولة في أفلام قصيرة من بينها “الطريق إلى الديدان” (2017) للغالي كريميش و”الصفحة 81″ (2021) لرشيد الهزمير…
حسن بديدة من مواليد 1960 بالدار البيضاء، عاش مراحل الطفولة بين دروب وأزقة مراكش، وعندما بلغ 18 سنة من عمره انتقلت أسرته إلى أكادير، وبها يقيم حاليا. انطلقت بدايته الفنية بمراكش (دار الشباب عرصة الحامض) مع جمعية الوعي للثقافة والفن، وفي أكادير التحق بجمعية أنوار سوس للثقافة والفن، وفي هذه المرحلة تعلم أبجديات الفعل المسرحي، وتدرج بعد ذلك في العديد من الجمعيات المسرحية الأخرى بالمدينة إلى حدود سنة 1990. أسس ابتداء من هذه السنة فرقة المسرح الطلائعي، التي شكلت محطة أساسية في مشواره الفني من خلال مجموعة من الأعمال المسرحية التي ظلت راسخة في مخيلة الفاعلين والمهتمين بالشأن المسرحي بالجهة.
قبل انفتاحه على السينما والتلفزيون كانت له تجارب عدة في الإخراج والتشخيص المسرحيين. ولا يزال لحد الآن محافظا على حضوره في المسرح إلى جانب الإشتغال في مجموعة من الأعمال السينمائية، المذكورة أعلاه وغيرها، والتلفزيونية كمسلسلات وسلسلات “مول لمليح” لأيوب لهنود و”فوق السحاب” لهشام العسري و”كنزة فالدوار” لهشام العسري و”مداولة و”ساعة في الجحيم”… وأفلام “سبع ليالي” لشوقي العوفير و “الكونجي” لنوفل البراوي و”النجم” لعبد الإله عاجل و”عام في الغربة” لإدريس صواب و”مول الإحصاء” لهشام العسري و”ولاد البهجة” لهشام عين الحياة و”الكراب” و”الرقاص” لعز العرب العلوي و “الذئاب لا تنام” لهشام الجباري و”الخط الأحمر” لإبراهيم شكيري…
والمعروف عن بديدة، الذي له ارتباط كبير بالمخرج المتميز هشام العسري، حيث شارك في العديد من أفلامه القصيرة (تيفناغ، عظم الحديد، شعب المكانة…) والطويلة (النهاية، هم الكلاب، البحر من ورائكم، ضربة في الراس، الجاهلية…)، اعتزازه بتجربته في المسرح الطلائعي لأنها التجربة الأم في مشواره الفني، فقد تعدت كونها فرقة مسرحية إلى تجربة رائدة ومؤسسة للتكوين المسرحي. توقفت الفرقة مرحليا بحكم انخراط أعضائها في تجارب إبداعية أخرى أو بسبب ارتباطات مهنية، وعاودت الظهور بنفس وبرؤية فنية جديدين.
تعتبر مسرحية “البركاصة” من أكثر أعمال حسن بديدة المسرحية، كمخرج، شهرة ونجاحا لأنها شكلت محطة مهمة من حيث التجريب المسرحي، كتابة وإخراجا، ونالت استحسان النقاد وقدمت منها عروض عدة على الصعيد الوطني بثلاث لغات: العربية والأمازيغية والحسانية. من مسرحياته الأخرى، تشخيصا أو إخراجا نذكر العناوين التالية: كونيكسيون، حلو الباب، شوف تشوف تاونزا، الظل، ثرثرة في المقبرة…
اشتهر بديدة كذلك بمساعدته مجانا للمخرجين الشباب في بداياتهم الفنية، حيث قام بتأطيرهم مسرحيا وإرشادهم وإعداد الممثلين، كما وضع تجربته الخاصة في الميدان رهن إشارتهم من منطلق أنه تعلم بدوره الكثير من أسرار الفن المسرحي على يد رواد آخرين كعبد القادر عبابو وبدور حسان وغيرهما.
حظي حسن بديدة في السنوات الأخيرة بمجموعة من التكريمات بمختلف المدن والمهرجانات السينمائية والمسرحية المغربية، باعتباره ممثلا عصاميا فذا وصادقا ومعطاء وخدوما ظل بتواضعه بعيدا عن الأضواء كغيره من كبار الفنانين، ونظرا لتجربته الفنية الجديرة بالإحترام والتقدير في المسرح والسينما والتلفزيون.
أحمد سيجلماسي