“الرؤية والخطاب.. سينما مغربية: تيمات ومؤلفين واتجاهات”.
بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وضمن منشورات الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب (جواسم)، يصدر في الأسبوع الثاني من أبريل 2025 كتاب جديد بالفرنسية للناقد السينمائي المغربي محمد بكريم تحت عنوان رئيسي “الرؤية والخطاب” وعنوان فرعي “سينما مغربية: تيمات ومؤلفين واتجاهات”. فيما يلي إجابات لصاحب الكتاب على ثلاثة أسئلة تخص هذا المؤلف الجديد:
1، هل من تقديم تعريفي لهذا الإصدار الجديد؟
“يأتي كتاب الرؤية والخطاب” في سياقين أحدهما خاص والثاني عام. يتجلى السياق العام في الحيوية التي يعرفها المشهد السينمائي المغربي (بما لها وما عليها) على مستويات الإنتاج وتطور البنية المؤسساتية والخطاب المرافق… أما السياق الخاص فيتجلى في كون الكتاب استمرار لتوجه حرصت عليه منذ إصداري الأول “الرغبة الدائمة” (2006).. بمعنى أنه كلما توفر لي متن متكامل من النصوص (مقالات نقدية، مداخلات، بحوث..) أقوم بنشرها في كتاب، وذلك لتصبح رهن إشارة من لم يطلع عليها. ولعل ما شجعني على ذلك الصدى الطيب الذي خلفته تجربة كتبي السابقة (ثلاثة كتب من أصل خمسة صدرت من قبل نفذت من السوق) … ويشكل هذا الإصدار الجديد الحلقة السادسة في هذه السلسلة، إن صح التعبير، وقد كانت مادته هذه المرة غزيرة ومتوفرة، وكان الكتاب موجودا منذ سنوات، إلا أن إصداره تعذر بسبب التزامن مع مرحلة “كوفيد”.. بعد الجائحة تغيرت الشروط المادية للنشر فتأخر صدور الكتاب، بل تركته جانبا وشرعت في إعداد كتاب جديد حول الفيلم الوثائقي (سيصدر إنشاء الله خلال الدخول الثقافي القادم) …
وكما نقول مغربيا رب تأخير فيه خير … لأن الكتاب صدر اليوم ضمن منشورات الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، مما أسعدني كثيرا لأنني أعتبر نفسي والكثير من أبناء جيلي (وما بعده) خريجي هذه المدرسة النبيلة والمعطاء. وبهذه المناسبة أشكر رفيقتي ورفاقي أعضاء المكتب الجامعي لجواسم وأحيي صمودهم وحرصهم على استمرارية هذا المكسب الثقافي الوطني.
2، ماذا عن محتويات الكتاب؟
يصدر الكتاب في 280 صفحة من الحجم الكبير بغلاف بالألوان، بثمن قدره 60 درهما للعموم (مائة درهم للمؤسسات والداعمين)، ويمكن اقتناء نسخ منه عبر الاتصال برئيس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب أو عن طريق الكتبي حسن بنعدادة المعروف بعشقه للسينما وإصداراتها … وسيتم لاحقا نشر لائحة المكتبات التي ستقترحه للبيع على القراء.
يتضمن فهرسه افتتاحية وأربعة أقسام وخاتمة: الإفتتاحية طويلة حول السينما في شرط تاريخي يتسم بتعدد الشاشات وتنوع مصادر الصور، قسم يتضمن تيمات تبدو لي بصمت السينما المغربية من قبيل: سينما المؤلف وسينما المرأة وظيفة النقد السينمائي وسينما الذاكرة الجمعية، قسم خاص بمجموعة من المؤلفين من سيهيل بنبركة إلى هشام العسري مرورا بعبد القادر لقطع وجيلالي فرحاتي وحكيم بلعباس وفوزي بنسعيدي وتالا حديد، قسم رئيسي حول قراءة الأفلام (حوالي عشرين فيلما ) بشكل منفتح على مختلف الأجناس والتيارات حيث ستجد كمال لزرق وسعيد الناصري ومارتن سكورسيزي…، قسم آخر حول أهم الاتجاهات المميزة للسينما المغربية يبدأ بسؤال “بلاغي” حول “هل هناك سينما مغربية؟”، ثم مشهد الاختتام حول فقيد النقد السينمائي والمشهد السينمائي المغربي الراحل نورالدين الصايل.
3، هل هناك خيط رابط بين مكونات هذا المحتوى المتنوع؟
الخيط الرابط هو السينما طبعا.. السينما في زمن التحول. فانطلاقا من توجه معرفي مفاده الشعار الذي ألخص به الكتاب وهو “مساءلة الرؤية والتفكير في الخطاب”.. إن الخطاب السينمائي لا يأتي من فراغ، فكل فيلم إلا وتخترقه توترات قادمة من رؤية المخرج وبنية الإنتاج والبيئة الثقافية التي شهدت إنتاجه.. والحاصل أننا اليوم في وضع يساءل المقاربات التقليدية للسينما.. الكتاب يبدأ بنبرة متشائمة نوعا ما من خلال نص عنوانه مثير “وداعا للسينما” حيث يتم التساؤل حول جدوى الكتابة عن السينما اليوم.. أي معنى لعملية إنتاج نص من 2000 كلمة حول فيلم أو ظاهرة سينمائية في زمن ينصب فيه الاهتمام حول عدد النقرات.. كان هناك مثلث ذهبي منسجم ومتكامل مكون من: الجمهور + القاعة + النقد.. ومع بداية الألفية الجديدة انتهى هذا المثلث أمام سيادة الردود الفورية والمباشرة عبر الوسائط الجديدة.. أضف إلى ذلك أن الإبداع السينمائي نفسه أصبح حبيس منظومة صناعة الفرجة العالمية.. مما يطرح تحديات كبيرة على السينمات القادمة من الهامش وعلى منتجي الخطاب حول هذه السينما.. الكتابة إذن نوع من المقاومة الثقافية التي لا تخلو من المتعة: متعة أن تقتسم أحاسيسك واجتهاداتك مع أوسع عدد ممكن من الناس.. الخيط الرابط يبقى بشكل ما سياسي وثقافي وتربوي…
أعده للنشر: أ.س
